قبل سنوات، قام متصل على أحد البرامج الإذاعية، والتي تُبث على الهواء، بطلباستشارة بشأن زوجته (سيدة أعمال) والتي تسافر –لإنجاز أعمالها– بين جدةوالرياض دون إذنه؛ فما كان ممن يطلق على نفسه لقب (المستشار الأسري) إلاأن يطلب منه أن يطلقها ؛ هكذا في استشارة لم تدم أكثر من دقيقتين تم تدميرأسرة مباشرة على الهواء.
في مقال سابق تحدثت عن أهمية الإرشاد والعلاج الأسري، وضرورة ضبطهوتقنينه من خلال إنشاء هيئة سعودية للتخصصات الاجتماعية والنفسية.
واليوم نتحدث عن أهمية التدريب والتأهيل للمرشدين الأسريين والإشكالياتالمترتبة على ضعف الاهتمام بالتأهيل الجيد، ووقوع الأسر كضحايا لأنصافالمرشدين الأسريين والزواجيين.
لابد من القول أن العلاج والإرشاد الأسري تخصص يجب ألا يقوم به إلا من لديهمالكفاءة العلمية، والعملية، والمهارية. ولذا، نجد دول مثل الولايات المتحدةالأمريكية، وبريطانيا، وأستراليا أطلقت برامج دبلومات عليا للمرشدين والمعالجينالأسريين، تتراوح مدتها بين سنة وسنتين ؛حتى أن بعض من تلك الدول قصرتممارسة الإرشاد والعلاج الأسري على الحاصلين على هذه الدبلومات المتخصصة ؛ بل إن بعضها ولأهمية الإرشاد والعلاجالأسري اشترط اجتياز اختبارات الكفاءة والقدرة على الممارسة، وليس فقط الحصول على الشهادة المتخصصة.
ولك أن تتخيل أنه فيما تستشعر تلك الدول أهمية الإرشاد والعلاج الأسري، وكفاءة وقدرة الممارسين له، (وخطورةممارسة غيرالمختصين والمؤهلين له). نجد إهمال من الجهة المعنية لدينا في تقنين وضبط ممارسة الإرشاد والعلاجالأسري من جوانبه المختلفة.
وفي الوقت الذي تشدد فيه تلك الدول على تقنين وضبط ممارسة الإرشاد والعلاج، يُلاحظ أن الوضع لدينا مختلف؛ فنجدأن معظم الدورات والدبلومات التأهيلية للمرشدين الاسريين (والتي يتم إطلاقها بين الفينة والأخرى) أنها برامج يعتريهاالضعف والهزال إما لعدم تخصص المدرب، أو لعدم أحقية المتدرب بالالتحاق لعدم التخصص، أو لضعف المحتوى التدريبي،وعدم كفاية مدته التدريبية.
إن بعض مؤسسات التدريب، قد علمت بحاجة الناس للإرشاد والعلاج الأسري، فقامت بإيهام طالبي الوظائف منالخريجين بأنهم قادرين على ممارسة الإرشاد والعلاج الأسري بعد اجتيازهم لدورة تدريبية ؛دورة تدريبية ضعيفة المستوىمن حيثالمحتوى، والمدة، والمدرب، والمتدرب؛ فيأتي الباحث عن وظيفة ويلتحق بهذه الدورة ويحصل على الشهادةويطلق على نفسه“المستشار الأسري” ويبدأ بممارسة الإرشاد والعلاج الأسري ولك عزيزي القارئ أن تلقي بنظرة سريعةعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لتعرف الكم الهائل من المستشارين الاسريين، ومعظمهم غير مؤهل، والذين يعلنون عنأنفسهم ليستغلوا حاجة الناس للاستشارة، فيتفننون في التلاعب بهم.
إن كثيراً من إجازات تلك الدورات التدريبية جاء بمباركة واعتماد من المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني وهنا يبرزتساؤل !
ما علاقة هذه المؤسسة بالإرشاد الاجتماعي والأسري لكي تمتلك صلاحية الترخيص والاعتماد للدورات الاجتماعيةوالأسرية؟ ولماذا تسمح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وهي المسؤول الأول عن الإرشاد الأسري، باعتمادالدورات التدريبية الخاصة بالشأن الأسري لجهة غيرها؟
لقد قامت المؤسسة باعتمادات كارثية لدورات تدريبية اجتماعية وأسرية فلك ان تتخيل دورات للأخصائي الاجتماعييقدمها مدرس تربية رياضية، والمتدربون من كل شكل ولون. ودورات تدريبية للمستشار الأسري مدربها غير مؤهل،والمتدربون غيرمؤهلين. وجميعها يتم الإعلان عنها بأنها معتمدة من المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني ولقدتمت مخاطبة المؤسسة ومناقشتها بهذا الشأن، ولم يتم الخروج بنتيجة.
فهل هان الإرشاد والعلاج الأسري لدرجة أن يتم اعتماد دوراته من جهة غير متخصصة مثل المؤسسة العامة للتدريبالمهني والتقني. ولو كانت الدورة في المجال الصحي فهل سيتم اعتمادها من هذه المؤسسة، أم من الهيئة السعوديةللتخصصات الصحية؟
إن الأسرة هي الضحية للتساهل في ممارسة الإرشاد والعلاج الأسري ولقد آن الأوان –تمشياً مع رؤية 2030 التي تؤكدعلى أهمية الأسرة واستقرارها– لتقنين وضبط جميع ما يتعلق بالإرشاد والعلاج الأسري من ممارسة، وتدريب، وتأهيل،واعتماد.