على الرغم من أهمية الإرشاد والعلاج الأسري، ودوره في استقرار الأسرة، إلا أن تطوير عمليات الإرشاد الأسري في المملكة لا زالت أدنى من المأمول، ولم ترق لتلبية الاحتياج المتزايد له من قبل الأفراد والأسر. وقد تمت كتابة العديد من المقالات بهذا الخصوص. ولكن لا يزال الأمل بالجهات المسؤولة عن تقديم خدمات الإرشاد والعلاج الأسري قائم.
ولقد طالعتنا وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي مؤخراً، مستبشرة بتدشين مبادرة عن الإرشاد الأسري من خلال برنامج أو تطبيق يسمى فام كير، وهو تطبيق شارك فيه مجلس شؤون الأسرة ومركز الاستشارات الأسرية بجامعة نورة. وهنا، لنا مع تلك المبادرة عدة وقفات، نوردها فيما يلي:
أولا: إن التطبيق المسمى فام كير famcare ليس أصيلا وخاصا بتلك المبادرة أو التطبيق، فهو مستنسخ من عدة مواقع عالمية، منها موقع يعنى بصحة وتثقيف الأسرة ويمكن الرجوع إليه على الرابط https://famcareinc.org/about-us/ . وموقع آخر بنفس المسمى يقدم خدمات التطبيقات والبرامج لدراسة الحالات الكترونيا، ويمكن الرجوع إليه على الرابط https://www.famcare.net/ . كما أن هناك مقياساً مقننا يقيس مدى رضا أسرة المصاب بالسرطان، ويستخدم في الرعاية التلطيفية، ويأخذ نفس المسمى famcareScale، ويمكن الرجوع إليه على الرابط التالي:
http://www.npcrc.org/files/news/famcare_scale.pdf . وبعيدا عن الملكية الفكرية، فأخذ نفس المسمى لا يعطي المبادرة حقها في التفرد والتميز. فهل عجز المنفذون عن ابتكار مسمى أصيل يجسد ويعكس الخدمات الاستشارية والارشادية المقدمة؟
ثانيا: تحدثنا في مقال سابق عن مجلس الأسرة، وقد ذكرنا أنه من الأفضل للمجلس أن يركز على الاستراتيجيات والتخطيط، وأن يبتعد عن الدخول في التفاصيل أو تقديم الخدمات المباشرة. واقحام اسم المجلس في خدمة مثل فام كير تعد خدمة مباشرة، حتى وإن لم يتم تقديمها من خلال المجلس، حيث أن مشاركة المجلس مع جهات أخرى تقدم الخدمة مباشرة قد يقلل من مكانة المجلس في حال وجود ملاحظات على تلك الخدمة.
ثالثاً: في الوقت الذي كان المجتمع متعطشاً لخدمة الإرشاد الأسري، وعندما خرجت الخدمة من خلال فام كير، وجدنا أنها تقدم بمقابل مالي يدفعه طالب الخدمة قد يقول البعض إن المبالغ المالية هي مبالغ رمزية أو بسيطة، ولكن نرد بأنه مهما كان المبلغ المتحصل لقاء خدمة الإرشاد، فهو لا يجب أن يكون بمباركة جهتين حكوميتين (مجلس شؤون الأسرة، جامعة الأميرة نورة)، لمنفعة قطاع خاص. إضافة إلى ذلك، فإننا بحاجة إلى خدمة مجانية للإرشاد الأسري، لأن حل المشكلات الأسرية، يسهم بشكل كبير في الاستقرار الأسري، الذي يعود بدوره على المجتمع ككل، وهو هدف تسعى لتحقيقه رؤية 2030.
رابعاً: أطلعت على مقابلات للمسؤول -عند تدشين فام كير- يتحدث فيها عن تطبيق فام كير، حيث أشار في أكثر من لقاء أن من أهدافمبادرة فام كير خلق فرص وظيفية للمتخصصين الاجتماعيين والنفسيين. وهنا يأتي تساؤل، كيف يوفر تطبيق فام كير فرصا وظيفية ومقدمو الخدمة أصلا من مركز الاستشارات بجامعة الأميرة نورة، وهن موظفات رسميات هناك، فأين خلق فرص التوظيف هنا؟
كذلك، لو أراد متخصص ما أن يعمل كمستشار (مقدم خدمة)، فكيف له أن يلتحق بالوظيفة؟ وهل هناك طريقة للتقديم على وظائف المستشارين؟ ولماذا لم يتم الإعلان عنها؟
ختاماً، على الرغم من أن خدمات الإرشاد الأسري لدينا لا زالت متدنية ودون المستوى، إلا أننا نتوقع من القائمين على تقديمها، بذل المزيد من الجهد لمنح المجتمع خدمات أفضل وأرقى وأكثر فعالية.
*عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية