أ.عبدالرحمن محمد الخراشي
وكيل قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
مما لا شك فيه أن أفراد المجتمع يشكلون طاقة وثروة هائلة يمكن من خلال استثمارها تحقق العديد من الانجازات والنجاحات للنهوض بمجتمعاتهم نحو الأفضل, ويكون ذلك من خلال تفعيل العمل التطوعي الخيري الذي أصبح عامل أساسي في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد والذي يتيح للأفراد فرصة المشاركة الفعالة في مجتمعاتهم للتعرف على المشكلات والعمل على حلها, حيث يعد التطوع ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح منذ أن خلق الله البشر. فالعمل التطوعي في الإسلام ركيزة أساسية في بناء علاقة الفرد المسلم بأخيه المسلم0 ويتصف بأنه عملاً خالياً من الربحية فهو قرار نابع من ذات المتطوع ورغبة في تقديم والمساعدة ومد يد العون لأي من فئات المجتمع المحتاجه, فالمتطوع لا يتوقع بالضرورة الحصول على مقابل مادي, ففي الغالب قد يكون العائد الأكبر معنوياً مرتبط بدوافع وحاجات نفسية واجتماعية يسعى المتطوع لتحقيقها وإشباعها من خلال العمل التطوعي.
فيساعد العمل التطوعي المواطنين على المشاركة في التعرف على مشكلاتهم المجتمعية والعمل على وضع الحلول المناسبة لها, كما يساعد على توجيه طاقات الشباب واستثمارها بما يعود عليهم بالفائدة ويوجهها لقنوات ايجابية تشعرهم بالثقة بالنفس والشعور بالرضا ويساعدهم على ترويض النفس وعلى حب الآخرين ومساعدتهم , و يساعدهم على الفهم الحقيقي لمتطلبات وظروف المجتمع, ومن خلال ذلك يتولد الشعور لديهم بأنهم أشخاص مرغوب بهم وفاعلين في المجتمع عبر مايقدمونه لمجتمعاتهم, كما يساعدهم التطوع على تعزيز ذاتهم واكتشاف مهاراتهم وتنميتها. ونشير إلى أهم الفوائد التي سيجنيها المتطوع من العمل التطوعي, فقد ذكر عز وجل في كتابة الكريم : (فمن تطوع خيرا فهو خير له) وهي أولى وأهم الفوائد التي سيجنيها المتطوع وهي الفائدة النفسية والشعور برضى الله عز وجل، فالمتطوعون هم سعداء الدنيا والآخرة تاجَروا مع الله، فكانت تجارتهم رابحةً، جلبت لهم الخيرَ الوفير، وفرِحوا بما قدموه من مساعدة لغيرهم في الدنيا، مستبشرين خيرًا بما سيعده الله لهم في الآخرة0فالتطوع أسمى آيات التكافل الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع الواحد، ففي الوقت الذي يشعر فيه المتطوع بالسعادة والراحة والطمأنينة لما يقدمه لغيره يشعر الآخر بهذه السعادة التي قُدمت إليه، ومن ثم تتآلف القلوب على البرِّ فيما بينها.
وقد يأتي التطوع في شكلان إما تطوع بشكل فردي وإما مؤسسي والأخير وهو أكثر تقدم وتطور ويتسم بالتنظيم الإداري والإعداد المسبق له ويتميز بالتأثير الملموس على المجتمع, كالتطوع من خلال الجمعيات والمؤسسات والهيئات الخيرية حكوميه كانت أو أهلية. حيث يتميز باستثمار الجهود البشرية والمادية وتوجيها للوجه الصحيحة لخدمة المجتمع كمساعدة الحكومة وتبرعات المواطنين لمساعدة فئات المجتمع المحتاجه. كما يهدف التطوع إلى المساهمة في تنمية الموارد البشرية في المجتمع.
والجدير بالذكر أن العمل التطوعي ليس قاصراً على مساعدات المادية وتوزيع الهبات والمساعدات العينية كما يعتقد الكثيرون من أفراد المجتمع بل تعد الآمر إلى أبعد من ذلك من الأمور الاجتماعية التي يهتم بها الإنسان كالحفاظ على البيئة والاهتمام بالصحة والتعليم ورعاية ذوى الاحتياجات الخاصة, والعمل مع مرضي السرطان. فينبغي تبادل المنافع بين الجمعيات و أفراد المجتمع بأن تستقطب هذه الجمعيات الكفاءات و الطاقات البشرية الراغبة فالعمل الاجتماعي من خلال فتح أبوابها وإتاحة الفرصة للمتطوعين لمشاركتها في تحقيقها لأهدافها المجتمعية.